Tuesday, November 11, 2014

الفكرة والطريقة


الفكرة والطريقة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، محمد وعلى آله وصحبة والتابعين. أما بعد. فبعد الهبوط الفكري الذي حصل للمسلمين قبيل سقوط الدولة الإسلامية، وبعد سقوطها وإلى اليوم حصل اتجاه لدى المسلمين في الفكر الإسلامي يقوم على القبول بالأفكار والتشريعات والنظم الغربية في الحكم والاقتصاد والاجتماع والتعليم. فظهر فقه المصالح، والقبول بالحلول الوسط والواقعية والبرغماتية، كما ظهرت تيارات الإسلام المعتدل والحداثي، فتغلفت الكثير من الأعمال والتشريعات بغلاف الشريعة الإسلامية  أو عدم مناقضتها وبفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، فأتى من العلماء من يقول بأن الديمقراطية هي الشورى وهي آليات حكم لا تتعارض مع الإسلام وأن الإسلام عبارة عن مقاصد وغايات قصد الشارع تحقيقها من خلال وضع نظام العقوبات التي كانت تناسب ذلك الوقت، فلا يوجد تعارض إذا تم تحقيق هذه المقاصد من خلال نظام عقوبات عصري فمثلاً يمكن حفظ المال وردع السارق بسجنه بدل قطع اليد. وهم بذلك خرجوا عن دائرة تحكيم الشرع الإسلامي ولم يفرقوا بين ما هو ثابت من الشريعة وما هو متغير من الأساليب والوسائل. فكان هذا البحث وهو بحث الفكرة والطريقة.
أما الأساس في بحث الفكرة والطريقة فهو أن العلماء درجوا على تصنيف الأفكار الإسلامية إلى موضوعات، وتصنيف الأحكام الشرعية إلى موضوعات، ووضع عناوين معينة وأسماء معينة لمختلف الموضوعات، فقالوا: الإسلام عقيدة وشريعة، وقالوا: الإسلام دين ودولة، وقالوا: أحكام الإسلام شملت العقائد والعبادات والأخلاق والمطعومات والملبوسات والمعاملات، وقالوا غير هذا كثيراً. وهم يتوخّون من ذلك التوضيح والتبسيط والتقريب إلى الفهم. من هذه التصنيفات قولنا: الإسلام هو فكرة وطريقة. وكلمة فكرة تشمل كل ما جاء به الإسلام من عقائد وأفكار متعلقة بالعقائد، وهذا يشمل ما في الإسلام من القصص وأخبار السابقين أو ما تنبّأ به من أنباء المستقبل.  وكلمة فكرة تشمل أيضاً الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات (ما عدا أحكام الجهاد) والمتعلقة بالأخلاق والمطعومات والملبوسات والمعاملات. فإن هذه الأحكام جاء الشرع بها من أجل ترسيخها عند الناس ومن أجل إقامة المجتمع الإنساني عليها، فهي الطابع للأفراد وهي الطابع للمجتمعات. وأما كلمة طريقة، فهي تشمل أحكاماً شرعية فقط، ولا تشمل عقائد ولا أفكاراً متعلقة بالعقائد. والأحكام الشرعية المندرجة تحت الطريقة هي تلك الأحكام المقصود بها غيرها ولم يقصدها الشارع لذاتها. من هذه الأحكام (أحكام الطريقة) الأحكام المتعلقة بالعقوبات، من حدود أو تعزير، ومنها أحكام الجهاد، وأحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأحكام السياسية الخارجية، وأحكام كيفية حمل الدعوة الإسلامية من قِبَل الأفراد أو من قبل الدولة. وأحكام نظام الحكم والخلافة والبيعة. كل ذلك من أحكام الطريقة.
والطريقة هي لازمة للمبدأ، والنظام الذي ينبثق عن العقيدة إذا لم يتضمن بيان كيفية التنفيذ للمعالجات، وبيان كيفية المحافظة على العقيدة، وبيان كيفية حمل الدعوة للمبدأ، كانت الفكرة فلسفة خيالية فرضية لا أثر لها في الحياة. 
والإسلام عقيدة ينبثق عنها نظام، وهذا النظام هو الأحكام الشرعية المستنبطة من الأدلة التفصيلية. وبيّن الإسلام في النظام الكيفية التي تنفذ به أحكامه بأحكام شرعية. وهذه الأحكام الشرعية التي تبين كيفية التنفيذ هي الطريقة وما عداها هو الفكرة، ومنا هنا كان الإسلام فكرة وطريقة. فالعقيدة والأحكام الشرعية التي تعالج مشاكل الإنسان هي الفكرة، والأحكام الشرعية التي تبين كيفية تنفيذ هذه المعالجات والمحافظة على العقيدة، وحمل الدعوة، هي الطريقة، ولهذا كانت طريقة الإسلام من جنس فكرته وكانت جزءاً منه. فلا يجوز أن يقتصر في الدعوة إلى الإسلام على بيان فكرته بل يجب أن تشمل الطريقة أيضاً. وما دامت الطريقة موجودة في الشريعة فيجب أن يقتصر فيها على ما ورد به الشرع وما يستنبط من نصوصه. وكما وردت في الكتاب أحكام الفكرة كذلك وردت فيهما أحكام الطريقة، فقوله تعالى: من أحكام الطريقة، وكذلك قوله عليه السلام:( لا تتمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم فاصبروا) من أحكام الطريقة، وهكذا سائر أحكام الطريقة تستنبط بالاجتهاد من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس كسائر الأحكام. ولما كانت السنة مبينة للكتاب كانت الفكرة مجملة في الكتاب مفصلة في السنة، وكانت الطريقة كذلك مجملة في القرآن مفصلة في السنة. 
والأحكام الشرعية التي تبين كيفية التنفيذ تدل على أعمال، فلا بد من القيام بهذه الأعمال، سواء منها ما يتعلق بالتطبيق وما يتعلق بحمل الدعوة. وليست هذه الأعمال وسائل لأن الوسيلة أداة تتخذ أثناء القيام بالعمل وتختلف باختلاف الأعمال، وتتغير حسب الظروف، ويقررها نوع العمل. ولذلك لا تلتزم فيها حال معينة، أما الأعمال التي تدل عليها الطريقة فإنها لا تتغير، بل يقام بها حسب دلالة النص، ولا يجوز أن يؤتى بعمل غير الذي بينه الشرع. ولا يقام بعمل في غير الموضع الذي بينه الحكم الشرعي.
والمدقق في هذه الأعمال التي دلت عليها الأحكام الشرعية المتعلقة بالطريقة يجد أنها أعمال مادية تحقق نتائج محسوسة وليست هي أعمالاً تحقق نتائج غير محسوسة، حتى لو كان هذان النوعان من الأعمال يحققان قيمة واحدة. فمثلاً الدعاء عمل يحقق قيمة روحية، والجهاد عمل مادي يحقق قيمة روحية، لكن الدعاء وإن كان عملاً مادياً فإنه يحقق نتيجة غير محسوسة وهي الثواب، وإن كان قصد القائم بالدعاء تحقيق قيمة روحية، بخلاف الجهاد فإنه قتال الأعداء وهو عمل مادي يحقق نتيجة محسوسة وهي فتح الحصن أو المدينة أو قتل العدو وما شاكل ذلك، وإن كان قصد المجاهد هو تحقيق القيمة الروحية. ومن هنا كانت أعمال الطريقة أعملاً مادية تحقق نتائج محسوسة وتختلف عن الأعمال الأخرى. ولذلك لا يتخذ الدعاء طريقة للجهاد وإن كان المجاهد يدعو الله، كما لا يتخذ الوعظ طريقة لردع السارق وإن كان يوعظ ويوجه. قال تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنه ويكون الدين كله لله) وقال تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما).
نموذج  يخالف فكرة الإسلام وطريقته في الوصول إلى الحكم بالإسلام
نسمع كثيرا من المسلمين أن الوصول إلى الحكم بالإسلام هو قضية اجتهادية بين المسلمين، فمن المسلمين من يرى الدخول في البرلمانات للأنظمة الحالية هو طريق لتطبيق الإسلام ولكن بالتدرج، ومن المسلمين من يرى أن منابذة هؤلاء الحكام والخروج عليهم بالجهاد هو الطريق للوصول للحكم بالإسلام، كما نسمع من البعض أن حكام الأنظمة الحالية هم أولي أمر يجب طاعتهم وعدم الخروج عليهم. فكل هؤلاء وغيرهم يدعي أنه مجتهد يريد تطبيق الإسلام. 
كما أن بعض علماء الفضائيّات يعتبر أنّ قضيّة إقامة الدولة وطريقة العمل الذي يوصل إلى إقامة الدولة هي قضيّة اجتهاديّة، وأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قد فقه الواقع في زمانه فاجتهد في أمور وهذه الأمور قد لا تصلح
لزماننا وبالتالي يمكن أن نجتهد في أمور أخرى أنسب لواقعنا.
فهل فعلاً أن الوصول إلى الحكم بالإسلام هو من الأمور المتغيرة وليس من أحكام الطريقة التي لا يلحقها تغيير.
إن السنّة النبوية منها الواجب، ومنها المندوب، ومنها المباح. وكذلك فإن السنّة تعطينا أحكام التحريم وأحكام الكراهة. والمسلم حين يتّبع السنّة فإنه يعمل مثل عمل الرسول، على الوجه الذي عمله الرسول، لأجل عمل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. فأنت حين تعمل المباح (أو تترك المباح) لأنك تعلم أن الشرع خيّرك في ذلك، فإنك تكون قد اتّبعت السنّة ولك الثواب. وأعمال الرسول عليه الصلاة والسلام في حمل الدعوة من أجل قيام الدولة الإسلامية والوصول إلى الحكم هي من أحكام الطريقة. فتكرار طلب النصرة من القبائل من أجل الأيمان بدعوته صلى الله عليه وسلم وتمكينه من الحكم ليبلغ عن الله دليل على وجوبها، وسلوك طلب النصرة ليس عمل ظرفي اقتضته أعمال حمل الدعوة، والرسول صلى الله عليه وسلم أقام الدولة الإسلامية مرة واحدة ولم يقمها مرتين حتى نتخير وبالتالي فإن تشابه واقعنا اليوم بالمرحلة المكية يحتم علينا أن نتأسى بفعله صلى الله عليه وسلم أثناء العمل لاستئناف الحياة الإسلامية. ولكن علينا أن نعلم أن الأعمال التي كان الرسول عليه وآله الصلاة والسلام يعملها في دائرة أعمال الطريقة منها ما هو عمل ظرفي اقتضته الأوضاع التي كانت قائمة ونسميه أسلوب، ومنها ما هو سنّة ثابتة ومطلوبة في كل زمان ومكان ونسميه طريقة.  فترتيب الجيش في معركة بدر، وموقع النزول بحيث جعلوا الماء خلفهم، وحفر الخندق حول المدينة، وإرسال نعيم بن مسعود للإيقاع بين اليهود ومشركي قريش، كل ذلك من الأساليب التي يشرع لنا أن نعملها أو نعمل مثلها إذا لزمت لنا حسب ظروفنا، وليس مطلوباً منا شرعاً أن نعملها إذا كانت ظروفنا لا تحتاجها. كما أن أنظمة العقوبات التي حددها الشرع (الحدود). فلا يجوز أن نضع السجن مكان قطع السارق أو رجم الزاني الـمُحصن أو جلد القاذف، ولا يجوز أن نكتفي بالتبشير بدل الجهاد، ولا يجوز أن نضع النظام الديمقراطي في الحكم بدل نظام الخلافة، ولا يجوز أن نجعل رعاية الشؤون الإلزامية بيد النقابات والجمعيات والبلديات، بدل أن تكون بيد الخليفة أو من ينوب عنه، فكل ذلك من الطريقة.
والطريقة هي أحكام شرعية ثابتة من الله تعالى لا يجوز أن تتغيّر وأن تتبّدل. هذه الأحكام يمكن أن تؤدّى بأسلوب معيّن وبوسيلة معيّنة قابلة للتغيّر والتبديل فالأسلوب غير ملزم. فالجهاد حكم شرعي وهو فرض، وقد كانوا يقاتلون بالسيف. الآن القتال بالسيف لا يصلح ولكن الجهاد فرض ويبقى طريقة لحمل الدعوة ونشر الإسلام في العالم. لكن السيف والخيل والرباط لا يناسب في هذا الزمان بل والمناسب هي الطائرة والدبّابة
. فهذا أسلوب من اجل خدمة الحكم الشرعي الذي هومن أحكام الطريقة وهو نشر الإسلام في العالم.
ومن تتبع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة حتى أقام الدولة في المدينة تبين انه مرّ في مراحل بارزة المعالم، كان يقوم فيها بأعمال معينة بارزة في عدة مراحل:
مرحلة التثقيف لإيجاد أشخاص مؤمنين بعقيدة المبدأ وطريقته لتكوين الكتلة الحزبية.
مرحلة التفاعل بالصراع الفكري والكفاح السياسي لحمل الناس على اعتناق الإسلام، والعمل على إيجاده في واقع الحياة.
مرحلة استلام الحكم بطلب النصرة، وتطبيق الإسلام تطبيقاً عاماً شاملاً، وحمله رسالة إلى العالم.
هذه هي الطريقة الشرعية الواجبة الاتباع للوصول إلى الحكم بما أنزل الله، فيجب على أي حركة إسلامية تريد الوصول إلى أن تحكم بما أنزل الله أن تتبع هذا المنهج، لأنه المنهج الشرعي من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم خطوة بخطوة في مراحلها الثلاث، مرحلة التثقيف بالثقافة الإسلامية ومرحلة التفاعل مع الأمة لتحمل الإسلام ومرحلة طلب النصرة لاستلام الحكم لتحكيم شرع الله، وهذا ثابت في سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام.
 فكل من يرى في حمل السلاح، أو حمل لواء الديمقراطية، أو تطبيق بعض السُنن والقبول بالأنظمة الكافرة يكون قد خالف طريقة الرسول في حمل الدعوة من أجل إقامة الدولة الإسلامية.



الأسئلة:
ماذا يعني مصطلح (الفكرة والطريقة)؟ وماذا نعني بقولنا الاسلام فكرة وطريقة؟
أن تصنيف الأفكار الإسلامية إلى موضوعات هو من الأمور الدارجة عند العلماء المسلمين، فقالوا الإسلام دين ودولة، وقالوا بمقاصد الشريعة وهي حفظ النفس والعقل والعرض والعقيدة والمال والكرامة الإنسانية والأمن والدولة. كما صنفوا الأحكام الشرعية إلى واجب ومندوب ومباح ومكروه وحرام، وهكذا بقية الأمور في الشريعة الإسلامية، ومن إبداعات الحزب أنه قسم المبدأ إلى عقيدة ونظام أو إلى الفكرة والطريقة، ويراد بذلك معرفة ما هو ثابت في الشريعة مثل طريقة حمل الدعوة من قبل الدولة بالجهاد وأعمال إقامة الدولة الإسلامية ومنها ما هو متغير مثل أعمال الصراع الفكري والكفاح السياسي، فيمكن أن تتم بموعظة في مسجد أو نشرة أو غيرها من الوسائل والأساليب. وكلمة فكرة تشمل كل ما جاء به الإسلام من عقائد وأفكار متعلقة بالعقائد، وهذا يشمل ما في الإسلام من القصص وأخبار السابقين أو ما تنبّأ به من أنباء المستقبل. وكلمة فكرة تشمل أيضاً الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات (ما عدا أحكام الجهاد) والمتعلقة بالأخلاق والمطعومات والملبوسات والمعاملات. فإن هذه الأحكام جاء الشرع بها من أجل ترسيخها عند الناس ومن أجل إقامة المجتمع الإنساني عليها، فهي الطابع للأفراد وهي الطابع للمجتمعات. وأما كلمة طريقة، فهي تشمل أحكاماً شرعية فقط، ولا تشمل عقائد ولا أفكاراً متعلقة بالعقائد. وأحكام الطريقة جاءت لخدمة غيرها من الأحكام الشرعية وهذه الأحكام تقبع في أقبية المحاكم ولا تظهر إلا حينما يتم انتهاك أحكام الفكرة أي أحكام المعالجات أو العقيدة، فمثلا تقوم الدولة بتنفيذ حكم القتل لمن يرتد عن الإسلام وهذا الحكم هو بيان كيفية المحافظة على العقيدة. والإيمان بالطريقة كالإيمان بالفكرة، فكان لزاماً أن تكون الطريقة مع الفكرة كلاً لا يتجزأ وأن تربطا معاً ربطاً محكما بحيث لا تستعمل في تنفيذ الفكرة الإسلامية إلا الطريقة الإسلامية ويكون مجموعهما هو الإسلام الذي يحكم به وتحمل الدعوة له

الفكرة هي العقيدة والمعالجات ... كيف .. أمثلة
الطريقة هي الكيفيات: كيفية تنفيذ المعالجات، وكيفية حمل الإسلام، وكيفية المحافظة على العقيدة.
الفكرة هي كافة الأحكام الشرعية المتعلقة بالعقيدة والمعالجات مثل طلب الفعل أو الترك أو التخيير في الفعل فكلها من أحكام الفكرة والتي هي مقصودة لذاتها، فشرعت الصلاة وسائر أمور العبادات لذاتها ما عدا أحكام الجهاد لأنها من أحكام الطريقة إذ هي كيفية حمل الدعوة من قبل الدولة فلا يلحقها تغيير أو تبديل، وكذلك سائر المعالجات المتعلقة بالعقوبات من حدود وتعزير فإنها شرعت لذاتها. فمثلاً قوله تعالى (لا تقربوا الزنى) من الفكرة، أما قوله تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِين) من الطريقة. والطريقة هي كافة الأحكام التي تبين كيفية تنفيذ الفكرة، فهي ليست مقصودة لذاتها وإنما شرعت لخدمة غيرها من الأحكام. فأحكام المرتد وأحكام الجهاد وأحكام الغنائم وأحكام الفيء وأحكام المرتد وأحكام مشركي العرب وغير العرب وأحكام البيعة وأحكام القضاء والحدود والتعزير والجنايات وأحكام بيت المال وأحكام المظالم والإمامة وأحكام الحسبة وغيرها هي من أحكام الطريقة.

هل أحكام الطريقة منوطة بالدولة فقط؟
إن الكثير من أحكام الفكرة منوطة بوجود دولة فأحكام قطع يد السارق وجلد أو رجم الزاني وأحكام حمل الدعوة بالجهاد وغيرها الكثير منوط بالدولة. كما أنه يوجد بعض الأحكام منوطة بالأفراد مثل أحكام حمل الدعوة والأمر بالعروف والنهي عن المنكر، ومثل شرع عقوبة الأب لأبنه إذا ترك الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "‏مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر سنين" والدولة أيضا تعاقب تارك الصلاة عقاباً مادياً. ومن يسب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هناك راي عند الفقهاء يجيز للسامع أن يقتل الساب فورا دون الرجوع إلى الدولة. المرأة الناشز علاجها يكون من قبل الزوج وليس من قبل الدولة والحفاظ على العرض، يجوز للفرد أن يقتص من الشخص الذي يعتدي على عرضه دون الرجوع إلى الدولة وعلاج الكفر البواح الذي يظهره الحاكم يكون من قبل الأحزاب أو الأمة، وإقامة الدولة الإسلامية يكون من قبل الأحزاب والدفاع عن المال، يكون من قبل الفرد

هل أحكام الفكرة هي خطوط عريضة وأحكام عامة ام هي أحكام شرعية جزئية وتفصيلية ؟؟
إن جميع الأفكار المتعلقة بالفكرة وبالطريقة هي أحكام شرعية جاء بها الوحي. وأحكام الفكرة والطريقة تستنبط بالاجتهاد من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس. ولما كانت السنة مبينة للكتاب كانت الفكرة مجملة في الكتاب مفصلة في السنة، وكانت الطريقة كذلك مجملة في القرآن مفصلة في السنة. ولذلك كان لزاماً علينا أن نجعل نبراس الهدى سيدنا محمداً رسول الله، فنأخذ أحكام الطريقة من عمله الموجود في سيرته ومن قوله وسكوته كما نأخذها من القرآن لأن ذلك كله شريعة، ونجعل قدوتنا في فهم السيرة الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة، كما نجعل عقلنا الأداة الفعالة للفهم والاستنباط حسب الوجه الشرعي.

هل أحكام الطريقة (ونعني كيفية حمل الدعوة) هي قطعية واتفاقية؛ أو هي ظنّية وخلافية بين علماء المسلمين؟ 
والواقع أن أحكام الطريقة هذه هي مجموعة كبيرة جداً من الأحكام، منها القطعي المتفق عليه مثل كون حمل الدعوة واجباً على كل مسلم وجوباً عينياً حسب قدرته، ومنها الظني المختلف عليه مثل وجوب الانضمام إلى حزب إسلامي وجوباً كفائياً أو عدم وجوبه. والراجح هو الوجوب.

هل أحكام الطريقة هذه هي إلزامية أو اختيارية، أي هل هي من صنف الأساليب أو من صنف الطريقة؟
أن أعمال الرسول حين كان يدعو قبل إقامة الدولة منها ما كان أسلوباً مثل خروج المسلمين في صَفَّين يكبَّرون ويطوفون بالبيت لنقل الكتلة من السرّ إلى العلن، ومثل إرسال عبد الله بن مسعود ليقرأ القرآن قرب الكعبة على مسمع من مشركي قريش، ومنها ما كان طريقة مثل منعهم استعمال العنف (إلا دفاعاً عن النفس). قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ. ولا يجوز لنا أن نجعل أعمال الرسول كلها إلزامية أو كلها اختيارية، بل لا بد أن نفهم كل عمل من قرائنه، وهذا من عمل المجتهدين. وإذا وقع خلاف فكل مجتهد يتبع اجتهاده. في حال وجود خليفة للمسلمين يكون عمل الدعاة (أفراداً أو أحزاباً) شاملاً دعوة الكفار إلى الدخول في الإسلام، ويكون شاملاً دعوة المسلمين إلى تفهم الإسلام والالتزام به، ويكون شاملاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإسداء النصيحة لأئمة المسلمين وعامّتهم. وفي حال عدم وجود خليفة للمسلمين، يكون عمل الدعاة (أفراداً أو أحزاباً) شاملاً لما سبق، وشاملاً بالإضافة إليه العمل لإقامة الخلافة ومبايعة خليفة. والأساليب غير إلزامية ويمكن التخير منها إذا كانت من المباحات.

ما هو الفرق بين الطريقة والأسلوب والوسيلة؟
الوسيلة هي من الأشياء وحكمها الإباحة، فهي أدوات تتخذ حين القيام بالعمل وهي متغيرة ويقررها نوع العمل. أما الطريقة والأسلوب فهي من الأعمال والأصل فيها التقيد بالحكم الشرعية، إلا أن الطريقة ثابتة لا تتغير فحكم رجم الزاني المحصن وجلد الزاني الغير محصن وقطع يد السارق وغيرها من أحكام الطريقة ثابتة لا تتغير ولا يمكن أن نستعيض عنها بغيرها السجن مثلاً. أما الأساليب فهي مقصود بها غيرها وهي تابعة لأحكام الطريقة إلا أنها غير ثابتة فأساليب الصراع الفكري والكفاح السياسي متغيرة فيمكن خوض الصراع الفكري أو الكفاح السياسية بتوزيع نشرة، أو موعظة في مسجد أو إقامة عمل جماهيري، فكلها أساليب يمكن التخيير من بينها الأسلوب الأفضل.
والطريقة هي أحكام شرعية ثابتة من الله تعالى لا يجوز أن تتغيّر وأن تتبّدل. ولكن هذا الحكم الشرعيّ يؤدّى بأسلوب معيّن وبوسيلة معيّنة قابلة للتغيّر والتبديل فالأسلوب غير ملزم. فالجهاد حكم شرعي وهو فرض، وقد كانوا يقاتلون بالسيف، الآن القتال بالسيف لا يصلح ولكن الجهاد فرض ويبقى طريقة لحمل الدعوة ونشر الإسلام في العالم. لكن السيف والخيل والرباط لا يناسب في هذا الزمان بل والمناسب هي الطائرة والدبّابة، فهذا أسلوب من اجل خدمة الحكم الشرعي الذي هومن أحكام الطريقة وهو نشر الإسلام في العالم. 

هل احكام الفكرة كلها طلب فعل او طلب ترك جازم؟ بمعنى هل المندوبات والمكروهات والمباحات ضمن احكام الفكرة ؟؟
إن أحكام الفكرة مجملة في الكتاب مفصلة في السنة، وأحكام الفكرة والطريقة تستنبط بالاجتهاد من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس. كما أن الأفكار المتعلقة بالعقيدة هي من الفكرة ولا يلزمها إلا الاعتقاد بأنها وحي من الله، وعلى هذا فأحكام الفكرة هي أحكام شرعية متعلقة بالمعالجات بالإضافة إلى العقيدة. والأحكام الشرعية التي تعالج أفعال العباد (أحكام الفكرة) قد تكون أحكاما جزئية وقد تكون كلية أو عامة، فتعريف العقد أو الإجارة أو الوكالة أحكام وقواعد شرعية عامة. والقواعد الشرعية تعتبر أحكاما شرعية ومنها ما يكون عاما ومنها ما يكون كليا كقاعدة الأصل في الأشياء الإباحة كلية وكذلك تعريف الحكم الشرعي وقواعد أصول الفقه.
ومن القواعد الشرعية التي تشكل خطوطا عريضة: الأسباب المشروعة للتملك، وضمانة الحاجات الأساسية في النظام الاقتصادي، أو قاعدة أن الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت وأنها عرض يجب أن يصان، وكذلك النظرة إلى العلاقة بين المرأة والرجل في النظام الاجتماعي. أو أمر الإمام يرفع الخلاف وكذلك أن للخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية في نظام الحكم. ومواد الدستور ... الخ. أما الأحكام الشرعية الجزئية التفصيلية فهي كثيرة ومبسوطة في كتب الفقه كأحكام الميراث والبيوع وأحكام الطلاق والزواج والنفقة ...الخ
ويستنبط المجتهدون الخطوط العريضة والقواعد الشرعية من خلال النصوص الشرعية للأحكام الجزئية بطريقة الاستقراء. أما بالنسبة للمندوبات والمكروهات والمباحات أهي ضمن أحكام الفكرة؟ فإن المعالجات لأفعال العباد تشمل الأحكام الشرعية الخمسة وليس فقط الفرض والحرام.

هل هناك أحكام في الفكرة لا يوجد لها أحكام في الطريقة؟
أن الشارع قد حدد الكثير من أحكام الطريقة ولكنه قد ترك بعضها لتقدير المكلف، فقد ترك الشارع للقاضي تحديد العقوبات التعزيرية وترك للحاكم كيفية التصرف في بعض أموال بيت المال كالخراج والجزية ... الخ. وهذا يعني أن الشارع أباح للمكلف أن يتصرف في كيفية تنفيذ بعض المعالجات وفق ما يختار ويرى مناسبا لعلاج المشاكل والوقائع. كما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باباً واسعة من الطريقة لحفظ أحكام الفكرة. ولا يتخيل تطبيق الإسلام بدون دولة تقوم على حفظ المعالجات التي هي من الفكرة. يقول الله سبحانه وتعالى (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ).

وردت في بعض الكتب عبارة: ان حمل الدعوة من الفكرة، ووردت عبارة: ان كيفية حمل الدعوة من الطريقة. فما الفرق بينهما؟
كما وردت عبارة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الفكرة، ووردت عبارة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الطريقة، فلماذا هذا التضارب؟
إذا كان الأمر منصباً على الحكم بأفعل أو لا تفعل أي على المعالجة فإنها من الفكرة ومنها حمل الدعوة، فالمسلم مكلف بحمل الدعوة وتبليغها للناس، أما كيفيات حمل الدعوة أي كيفية تنفيذ المعالجة وهي كيفية حمل الدعوة فهي حكم جاء ليخدم فكرة حمل الدعوة، فبالنسبة للدولة فكيفية حمل الدعوة يكون بالجهاد، فالجهاد هو لخدمة حمل الدعوة ونشر الإسلام أي أن الجهاد ليس مقصوداً لذاته، أما بالنسبة للأفراد والأحزاب فيكون كيفية حمل الدعوة بالصراع الفكري والكفاح السياسي والعمل ضمن طريقة الرسول في قيام الدولة وهذا ما يجب أن تكون عليه الأحزاب والجماعات المتلبسة بالعمل الإسلامي لأن أحكام الإسلام غائبة عن واقع حياة المسلمين.
وما قيل في حمل الدعوة يقال في موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأوامر الله ونواهيه هي أمر بالمعروف ونهي عن المنكر التي هي دعوة للفكرة أي المعالجات وفق أحكام الشرع الإسلامي، والدولة هي التي تحافظ على الفكرة وعليها واجب تطبيق الإسلام وحمل الدعوة وحماية الثغور ورعاية الشؤون. فالأعمال التي تقوم بها الدولة لها نتائج محسوسة، ويظهر أثرها على الناس فهي من أعمال الطريقة، تحفظ الدولة كيانها.
أن دعوة الناس إلى الالتزام بالفكرة هو من الفكرة التي هي التزام بمعالجات الشريعة الإسلامية، وتأتي من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فمثلاً عند نصحك أحداً بعدم الغش في البيع والالتزام بأحكام البيع في التجارة، أو تنصح موظف بعدم أخذ قرض ربوي من البنك لشراء سيارة أو بيت، تكون أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر هو دعوة إلى الالتزام بالفكرة أي المعالجات وفق شرع الإسلام، وهو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أما دعوة الأفراد أو الأحزاب أو الدولة للعمل بمقتضى الطريقة الإسلامية في كيفية تنفيذ الفكرة من مثل الدعوة للعمل الحزبي الذي يعمل على أيجاد الدولة الإسلامية واستئناف الحياة الإسلامية، تكون أنت أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر إذ هو دعوة للعمل بمقتضى كيفيات تنفيذ الفكرة قال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (104) آل عمران. والحزب المبدئي الذي يقوم بنصح الحاكم المسلم أو كشف مخطط يمرره الحكام الخونة في بلاد المسلمين يكون هذا العمل أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ضمن كيفية استئناف الحياة الإسلامية فهو من الطريقة.  
  
إن ما طلبه الشرع من أجل غيره فهو من الطريقة، وما طلبه من أجل ذاته فهو من الفكرة كيف هذا؟
هذا من طبيعة تقسيم الفكرة والطريقة، فالفكرة مقصودة لذاتها فشرعت أحكام الصلاة، وسائر العبادات ما عدا الجهاد وكافة المعالجات فقصد الشارع منها ذاتها، فلم تشرع الصلاة خدمة لحكم شرعي آخر بل هي معالجة لغريزة التدين وكذلك بقية أحكام الفكرة هي معالجات، أما أحكام الطريقة شرعت خدمة لغيرها، فأحكام  كيفية أداء الصلاة والمحافظة عليها  شرعت خدمة للفكرة وهي عبادة الصلاة أي إقامتها بركوعها وسجودها، والجهاد شرع خدمة لأحكام حمل الدعوة ونشر الإسلام، وأحكام رجم أو جلد لمن يزني شرعت لمعالجة فعل الزنى، وأن من يزني كيف نفعل به نسجنه نضربه ننفيه نقتله، فجاءت المعالجة منصبة على الحكم أي على الفكرة فكان حكم الطريقة ليس مقصوداً لذاته بل لخدمة غيره. ولهذا فإن أحكام الطريقة تقبع في أقبية المحاكم ولا تظهر إلا حين تنتهك أحكام المعالجات أو الفكرة. ويجدر بنا هنا أن نلفت النظر إلى أن الغرب الكافر وأعوانه عندما يهاجمون الإسلام فإنهم يهاجمون أحكام الطريقة فيصوروا أن الإسلام هو معناه قطعاً للرؤوس وجلداً...ألخ. مع أن كل المبادئ تضع طريقة لتنفيذ فكرتها وحماية مبدأها. فتصوير الإسلام عن طريق إبراز أحكام الطريقة مع أنها معطلة من قبل الحكام في بلاد المسلمين هو إجرام بحق الإسلام وحرب عليه يراد تنفير الناس من تحكيم الإسلام والعودة إليه، مع أن شريعة الإسلام رحمة للعالمين.   

احكام الطريقة اغلبها قطعي، ما دلالة هذا وما أثرها على الدولة والكتلة والمجتمع؟
لنأخذ طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في بناء الدولة فهي ليست حكما شرعيا واحدا بل هي أحكام شرعية كثيرة، منها ما هو قطعيّ ومنها ما هو ظنّي من حيث الدلالة. وهي قطعية من حيث الثبوت
فمعظم الآيات المكية تبين مراحل حمل الدعوة وهي موصلة قطعا إلى إقامة الدولة الإسلامية. وطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم هي الطريقة الشرعية والعملية من اجل الوصول إلى إقامة الدولة استجابة لأمر الله (ان تنصروا الله ينصركم)، (وما النصر إلا من عند الله).  فنصر الأمة ونصر التكتّل ونصر المسلمين في هذا الزمان مرهون بيد الله تعالى فقط ولا بأي أمر آخر، والأعمال التيّ يقوم بها حزب التحرير هي استجابة لأمر الله حتي يتمّ الله نصره، فليست أعمال النصرة وطلب النصرة والمنعة هي التي تقيم الدولة وإنما ذلك بيد الله تبارك وتعالى. والقيام بهذه الأعمال هو من باب الاستجابة لأمر الله تعالى مع اليقين التام بنصرة لعباده المخلصين. وسيرة الأنبياء والرسول صلى الله عليه وأعماله وانتصاراته في الحوادث شاهدة على ذلك. وسيدنا موسى عليه السلام وقصته مع بني إسرائيل عند تيقنهم بانّهم مدركون برؤيتهم العقلية ولكن موسى عليه السلام كان يرى ما لا يرونه ويقينه تامّ في الله (كلاّ إن معي ربّي سيهدين) والسبب هو يقينه بالنصر والتزامه أمر الله. فكيفية النصر هي من عند الله تعالى وهكذا كل الأنبياء. وكذلك ما حدث مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في الهجرة وتفاصيل الأعمال والأحداث وكيفية حدوث النصر تبرهن أن الله هو الذّي هيّأ النصر. وما على المسلمين إلا الالتزام بأمر الله والإخلاص والاجتهاد وبذل الوسع

احكام الطريقة المتعلقة بعمل التكتل اغلبها قطعية. هل هذا صحيح؟ وكيف؟
الأعمال المنصبة في حمل الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية هي أعمال سياسية تقوم بها الكتلة وهي أهداف وغايات عليا يستحيل على الأفراد القيام بها وتحقيقها بمفردهم، وهذه الأعمال يجب أن تكون شرعية ويجب أن تكون وفق ما عمله الرسول على وجه العمل ولأجله. وعند النظر إلى هذه الأحكام نجد أنها قطعية نزل بها الوحي في المرحلة المكية وقام بها رسول الله ولم يحد عنها قيد أنملة، فلم يقبل المساومة على المبدأ عندما عرضت عليه قريش الحكم والمال، كما أنه لم يقبل نصرة القبائل التي اشترطت عليه أن يكون الحكم لها من بعده من مثل قبيلة عامر بن أبي صعصعة. كما أن تكرار طلب النصرة من القبائل رغم المشقة والصد تدلل على أنها شرعية واجبة الاتباع. وعليه فأن من يتلبس بالعمل لحمل الدعوة من أجل استئناف الحياة الإسلامية يجب أن يجعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبراس الهدى ويتأسى بفعله صلى الله عليه وسلم. لأن طريقته هي الطريقة الوحيدة والحصرية في قيام الدولة.

هناك قول بأن التكتل يأخذ من الفكرة ما يلزمه، أما بالنسبة للطريقة فيجب عليه أن يأخذ جميع احكامها. هل هذا صحيح؟ وكيف؟
الأحكام المتعلقة بالفكرة أحكام شرعية تعالج كافة الشؤون وهي واسعة جداً ومبسوطة في كتب الفقه الإسلامي، وعليه فإن على الكتلة السياسية أن تتبنى منها ما يلزمها للعمل في حمل الدعوة. وأحكام الطريقة وخصوصا الأحكام المتعلقة بوجود دولة من مثل العقوبات فلا تلزم الكتلة وتبقى على وجوبها. وحزب التحرير مثلاً له متبنيات في بعض الأحكام الشرعية من مثل عدم جواز إجارة الأرض للزراعة ويلزم بها أعضاء الكتلة، كما أن أحكام الطريقة المتعلقة بكيفية حمل الدعوة وقيام الدولة فهي واجبة الاتباع لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وأعمال الرسول منها طريقة ثابتة ومنها أساليب يجوز أخذها إذا ناسبت ظرفنا كما مر سابقاً.

هناك قول بأن أحكام الطريقة قسمان: قسم يتعلق بالدولة وقسم يتعلق بالكتلة، ولا يوجد شيء من احكام الطريقة يتعلق بالأفراد. فهل هذا صحيح ؟؟؟
 إن الدولة حارسة للعقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من أحكام، لذلك فإن الدولة هي الطريقة العملية لتطبيق الإسلام ومعظم أحكام الطريق تطبقها الدولة، ولكن بعض أحكام الطريقة من مثل أعمال حمل الدعوة متعلق بالدولة والكتلة والأفراد، وأن بعض العقوبات أنيطت بالأفراد من مثل الصلاة أنيط بالوالد أن يعاقب ولده عليها إن لم يقم بها، والزوج يعالج أفعال زوجته الناشز دون الرجوع للدولة.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .... من أحكام الفكرة أم من أحكام الطريقة واثره في الفرد والمجتمع.
أن أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي من أحكام الفكرة فهي أوامر ونواهي وتلزم المسلم في كل أحواله إذ هي مرتبطة بحمل الدعوة وبأحكام الإسلام. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأمر بأحكام الإسلام ودعوة لعدم انتهاكها أو الدعوة لتصحيح مسار من ينتهكها. عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"
والنصيحة تعمّ كل فئات المجتمع، من العالم إلى العامي، وهذا حال المسلم، يكون في حالة تناصح مع من حوله من إخوته المسلمين، كما ويكون بالمقابل إخوانه في حالة تناصح معه، فتسود في المجتمع الإسلامي هذه الحالة الفريدة، فيرتقي في سلم الحياة الراقية النظيفة. وهذا أيضا حال الجماعة أو الحزب الناصح للمسلمين، الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر.
أما كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو من الطريقة أيضا، فهو يخص الدولة والكتلة السياسية التي تحاسب الدولة والافراد. فالدولة تقوم بها لخلق أجواء إيمانية وتحافظ على نفسها بتنقية الوسط السياسي وحفظ الأمن، وتنظيم أمور الدولة، والأحزاب تقوم بها في أجواء الصراع الفكري والكفاح السياسي مع الأمة والأفكار السائدة. كما يقوم بها الأفراد كحق لهم في محاسبة الحاكم، أو العمل ضمن كتلة تعمل لاستئناف الحياة الإسلامية أو لرفع السيف لمن أظهر الكفر البواح.

الفعل الذي هو فرع لفعل أصلي ..... !!! ما مدى صحة هذا الكلام ... ؟؟
 (هذا مبحوث في القياس الشرعي في أصول الفقه)

No comments:

Post a Comment