Tuesday, November 11, 2014

الاعلام في دول العالم الاسلامي سلطة رابعة بيد الحاكم



الاعلام  في دول العالم الاسلامي سلطة رابعة بيد الحاكم

الاعلام لغة هو الإخبار السريع أما اصطلاحا فله عدة تعاريف ولكن أكثرها انطباقا للواقع كما ذكره الاستاذ عصمت الحموري في بحثه سياسة الاعلام في الدولة الاسلامية هو بأنه ايصال معلومة معينة إلى المتلقي  لهدف معين بأسلوب يخدم ذلك الهدف ويتوقع منه أن يؤثر في المتلقي ويغير من ردود فعله. ويذكر الاستاذ عصمت الحموري تعريف الاعلام الاسلامي بأنه، "تزويد الجمهور المستقبِل بالحقائق الثابته والاخبار الصادقة المستندة إلى أدلتها الشرعية، والمعلومات الصحيحة، باستخدام أفضل الوسائل والاساليب، بالإضافة إلى تزويده بالأبحاث والدراسات والبرامج الوثائقية في ميادين الحياة المختلفة".
ويعد الإعلام في زماننا أداة فاعلة في التأثير على توجه الرأي العام وعلى صياغته وتكوينه، فالإعلام في وقتنا الراهن يعد قوة مؤثرة حتى بدا للرأسماليين أن يطلقوا عليه اسم السلطة الرابعة لما له من أهمية وقوة وتأثير . ولم يبق بيت او يكاد الا ودخله سواء الفضائيات او باقي الوسائل الاعلامية المختلفة ..وللاعلام تاثير عظيم على الناس سواء في الجانب الاقتصادي او الفكري او غيره.
وأداة لها هذه الأهمية والقوة والتأثير لم يكن مستغرباً  على الغرب وأدواته من حكام في بلدان الدول العربية والاسلامية أن يسيطروا عليها ويسخروها لتمرير مخططاتهم ومؤامراتهم وحرب مشروع الأمة الحضاري الذي يراه تهديداً لوجوده الاستعماري وحضارته البالية، بل إن العديد من مؤسسات الإعلام في عصرنا الراهن كانت من إنشائه لتقوم بدور ريادي على مستوى قضايا العالم خدمة لمصالحهم . ولا يخفى ما يروج له الاعلام العربي والغربي من مشاريع الدولة المدنية الديمقراطية لإبقاء هيمنته ونفوذه على بلاد المسلمين، ومحاربة مشروع الدولة الإسلامية، دولة الخلافة، مشروع الأمة التحرري النهضوي. فهو يسخر كامل طاقته لحرف المسلمين خاصة في بلدان الربيع العربي عن تحقيق مشروع تحرر حقيقي من ربقة الاستعمار إذ أنه يسعى لإحراز أعلى قدر من التأثير على الرأي العام ومن تسويق المشاريع الاستعمارية،و تلبس وسائل الإعلام لبوس النزاهة والحيادية، وحقيقتها خلاف ذلك، فما تدّعيه وسائل الإعلام من الحيادية والنزاهة والمهنية في نقل الخبر، هي دعاوى كاذبة ومحض خداع وتضليل، فهي لا تنقل الخبر إلا بعد تمريره على غرف التحرير (مطابخ الإعلام) ليظهر وفق السياسة المرسومة لتلك الوسائل بإعادة صياغته أو إظهار بعض جوانبه وطمس الأخرى أو حتى طمس الخبر بالكلية وذلك راجع لطبيعة الخبر وللسياسة المتبعة لدى تلك الوسائل. فعلى مستوى الإذاعة المسموعة فإنّ الدّول الكبرى: (تتّحكّم في تسعين بالمئة (90%) من الموجات الإذاعيّة في العالم، وعلى مستوى الأنباء والأخبار فإنّ العالم يحصل على أكثر من ثمانين بالمئة (80%) من أخباره من وكالات الأنباء الخمس الكبرى؛ رويترز البريطانية، ووكالة الصحافة الفرنسية، ووكالة الأسوشييتد برس واليونايتد برس الأمريكيّتين، ووكالة إيترتاس الروسية).

الاعلام والسيطرة على الشعوب
لا يخفى على أي حصيف بأن الجهات السياسية التي تقف وراء الأعلام  تنفذ اجندات مختلفة أو تمرر مؤامرات خصوصا وأن الأمة حاليا تتجه نحوى نهضة حقيقية بعد أن بان عوار الديمقراطية وما احداث مصر عنا ببعيد، فالديمقراطية بضاعة غربية يجيد استخدامها وتوظيفها لأهدافه ويتخلى عنها عندما لا تحقق إلى ما تصبوا إليه تلك الدول. وإن الغرب وأدواته من حكام العرب والمسلمين لا تعجزهم الحيلة في توظيف واستخدام الاعلام لتنفيذ أو تبرير سياسات داخليه أوالخارجية فيحشد لها جيوشا من الاعلاميين والمثقفين والسياسيين ووسائل متنوعة للدعاية والاعلام تخدم تلك الجهات وتقوم بالسيطرة على الرأي العام في العالم أو في تلك البلدان. يقول عالم اللسانيات والمفكر الامريكي أفرام نعوم تشومسكي في كتابه  ‘‘اسلحة صامتة لحروب هادئة‘‘ أن وسائل الاعلام العالمية و دوائر نفوذ العالمي والحكومات ،تستعمل استراتيجيات يستخدمها الاعلام للسيطرة على الشعوب وللتلاعب بعقول الجماهير من أجل توجية سلوكهم و السيطرة على أفعالهم وتفكيرهم ومن هذه الاستراتيجيات:-
1)      استراتيجيّة الإلهاء: هذه الاستراتيجيّة عنصر أساسي في التحكّم بالمجتمعات، وهي تتمثل في تحويل انتباه الرّأي العام عن المشاكل الهامّة والتغييرات التي تقرّرها النّخب السياسية والإقتصاديّة، ويتمّ ذلك عبر وابل متواصل من الإلهاءات والمعلومات التافهة. استراتيجيّة الإلهاء ضروريّة أيضا لمنع العامة من الإهتمام بالمعارف الضروريّة في ميادين مثل العلوم، الاقتصاد، علم النفس، بيولوجيا الأعصاب و علم الحواسيب. "حافظ على تشتّت اهتمامات العامة، بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، واجعل هذه الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة. اجعل الشعب منشغلا، منشغلا، منشغلا، دون أن يكون له أي وقت للتفكير، وحتى يعود للضيعة مع بقيّة الحيوانات.
2)      ابتكر المشاكل ... ثم قدّم الحلول: هذه الطريقة تسمّى أيضا "المشكلة - ردّة الفعل - الحل". في الأول نبتكر مشكلة أو "موقفا" متوقــَعا لنثير ردّة فعل معيّنة من قبل الشعب، و حتى يطالب هذاالأخير بالإجراءات التي نريده أن يقبل بها. مثلا: ترك العنف الحضري يتنامى، أو تنظيم تفجيرات دامية، حتى يطالب الشعب بقوانين أمنية على حساب حرّيته، أو: ابتكار أزمة مالية حتى يتمّ تقبّل التراجع على مستوى الحقوق الإجتماعية وتردّي الخدمات العمومية كشرّ لا بدّ منه.
3)      استراتيجيّة التدرّج: لكي يتم قبول اجراء غير مقبول، يكفي أن يتمّ تطبيقه بصفة تدريجيّة، مثل أطياف اللون الواحد (من الفاتح إلى الغامق)، على فترة تدوم 10 سنوات. وقد تم اعتماد هذه الطريقة لفرض الظروف سياسية واقتصاديّة لا تضمن العيش الكريم، وهي تغييرات كانت ستؤدّي إلى ثورة لو تمّ تطبيقها دفعة واحدة.
4)      استراتيجيّة المؤجّــَـل: وهي طريقة أخرى يتم الإلتجاء إليها من أجل اكساب القرارات المكروهة القبول وحتّى يتمّ تقديمها كدواء "مؤلم ولكنّه ضروري"، ويكون ذلك بكسب موافقة الشعب في الحاضر على تطبيق شيء ما في المستقبل. قبول تضحية مستقبلية يكون دائما أسهل من قبول تضحية حينيّة. أوّلا لأن المجهود لن يتم بذله في الحين، وثانيا لأن الشعب له دائما ميل لأن يأمل بسذاجة أن "كل شيء سيكون أفضل في الغد"، وأنّه سيكون بإمكانه تفادي التّضحية المطلوبة في المستقبل. وأخيرا، يترك كلّ هذا الوقت للشعب حتى يتعوّد على فكرة التغيير ويقبلها باستسلام عندما يحين أوانها.
5)      مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغار: تستعمل غالبية الإعلانات الموجّهة لعامّة الشعب خطابا وحججا وشخصيات ونبرة ذات طابع طفولي، وكثيرا ما تقترب من مستوى التخلّف الذهني، وكأن المشاهد طفل صغير أو معوّق ذهنيّا. كلّما حاولنا مغالطة المشاهد، كلما زاد اعتمادنا على تلك النبرة. أرد هنا مثلا نشرت جريدة القدس خبراً بتاريخ 29-8-2013 مفاده " صرصور يثير الهلع في مكتب محاماه"
6)      استثارة العاطفة بدل الفكر: استثارة العاطفة هي تقنية كلاسيكية تُستعمل لتعطيل التّحليل المنطقي، وبالتالي الحسّ النقدي للأشخاص. كما أنّ استعمال المفردات العاطفيّة يسمح بالمرور للاّوعي حتّى يتمّ زرعه بأفكار، رغبات، مخاوف، نزعات، أو سلوكيّات.
7)      إبقاء الشّعب في حالة جهل وحماقة: العمل بطريقة يكون خلالها الشعب غير قادر على استيعاب التكنولوجيات والطّرق المستعملة للتحكّم به واستعباده. "يجب أن تكون نوعيّة التّعليم المقدّم للطبقات السّفلى هي النوعيّة الأفقر، بطريقة تبقى إثرها الهوّة المعرفيّة التي تعزل الطّبقات السّفلى عن العليا غير مفهومة من قبل الطّبقات السّفلى"
8)      تشجيع الشّعب على استحسان الرّداءة: تشجيع الشّعب على أن يجد أنّه من "الرّائع" أن يكون غبيّا، همجيّا و جاهلا
9)      تعويض التمرّد بالإحساس بالذنب: جعل الفرد يظنّ أنّه المسؤول الوحيد عن تعاسته، وأن سبب مسؤوليّته تلك هو نقص في ذكائه وقدراته أو مجهوداته. وهكذا، عوض أن يثور على النّظام الإقتصادي، يقوم بامتهان نفسه ويحس بالذنب، وهو ما يولّد دولة اكتئابيّة يكون أحد آثارها الإنغلاق وتعطيل التحرّك. ودون تحرّك لا وجود للثورة!
10)  معرفة الأفراد أكثر ممّا يعرفون أنفسهم: خلال الخمسين سنة الماضية، عملت التطوّرات العلميّة المذهلة هوّة لا تزال تتّسع بين المعارف العامّة وتلك التي تحتكرها وتستعملها النّخب الحاكمة. فبفضل علوم الأحياء، بيولوجيا الأعصاب وعلم النّفس التّطبيقي، توصّل "النّظام" إلى معرفة متقدّمة للكائن البشري، على الصّعيدين الفيزيائي والنّفسي. أصبح هذا "النّظام" قادرا على معرفة الفرد المتوسّط أكثر ممّا يعرف نفسه، وهذا يعني أنّ النظام - في أغلب الحالات - يملك سلطة على الأفراد أكثر من تلك التي يملكونها على أنفسهم.  

السياسات المتبعة لإلهاء الرأي العام وترويضه في العالم العربي
إن الأنظمة الحاكمة في العالم العربي عادة ما تسعى لتثبيت أنظمتها بعدد من الأساليب الماكرة التي تجعل الشعب يظل رهن التبعية والإذلال، ومستفيدة من الاستراتيجيات السابقة ومن هذه الأساليب:
أولاً: سياسة الإغراق بالمشاكل الحياتية اليومية:
ويقصد من وراء هذه السياسة إلهاء الناس بمشاكلهم المعيشية وهموم أرزاقهم حتى تستهلك وقتهم وتستحوذ على تفكيرهم، بحيث لا يبقى لديهم الوقت اللازم للتفكير في غير همومهم الشخصية الآنية المتجددة والمتعددة. وهذه السياسة تتبع في معظم الأقطار المنتمية إلى ما يسمونه العالم الثالث والذي يشكل العالم الإسلامي غالبية سكانه، ويقوم الإعلام بتغطية هذه السياسة كما ترسمها الأجهزة التي خططت لهذه الحالة، وتتوخى الأجهزة من وراء ذلك إيصال الرأي العام إلى مجموعة من القناعات والتي لم يكن بالإمكان إيصال جمهور الناس إليها بدون وسائل الضغط والتركيع والإذلال، بحيث يصبح كل حل أقل إذلالاً أو أخف وطأةً ليس مقبولاً فقط بل مطلباً شعبياً، والأمثلة على ذلك كثيرة في العالم الإسلامي، وليس أقلها طوابير الناس التي تنتظر دورها للحصول على السلع الضرورية، وليس هناك بلد أحسن حالاً من غيره بل التفاضل هو في من هو الأسوأ ومن هو الأقل سوءاً.
ثانياً: سياسة الإلهاء بالرياضة والنشاطات الشبابية:
مثل إقامة المباريات بشكل دائم وسباقات الخيل والسيارات والإبل، والإكثار من النوادي، والتركيز الإعلامي بالنقل الحي، وجعل متابعة نتائج المباريات على كل شفة ولسان للشباب المراهق، وتنصيب وزراء وأمراء للشباب والرياضة، فالرياضة كرياضة لاشيء فيها، أما أن تستعمل وسيلة لتخدير الطاقات الشابة وإلهائها عما يدور حولها فتلك مصيبة من المصائب التي تعاني منها أمتنا الإسلامية. فعندما يريد الحاكم التعتيم على قضية أو صفقة محلية أو دولية فإنه يلجأ إلى استعمال هذا المخدر، وحشد جميع وسائل الإعلام لتغطية المباريات المحلية أو الدولية أو الأولمبية. يقول نعوم تشومسكي المسابقات الرياضية تلعب دوراً اجتماعياً في توليد مواقف وطنية متعصبة. إنها مصممة لتنظيم شعب يدين بالولاء لجلاديه
.
ثالثاً: سياسة الإلهاء بكل مظاهر الترف واللهث وراء المال:
أن الأنظمة الحاكمة تسهل سبل المنافسة على الدنيا، وتفتح المجالات الواسعة عن طريق وسائل الدعاية والإعلام لكي يغرق الناس في الترف الزائف، وجمع المال لحيازة أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا من سلع كمالية والسفر شرقاً وغرباً للمجون والقمار وتبذير المال واقتناء آخر ما صنعته مصانع الغرب من سيارات باهظة الأثمان؛ لأن كل ذلك يصرف أنظار الناس عن السياسة والحكام وهذا هو المطلوب. هذا في الدول الغنية، والشرائح المترفة، أما الدول الفقيرة فيقوم الحاكم بسياسة (جوّع كلبك يتبعك)، وتعييش الناس على الأمل بالقول إن عام 2010م هو عام الرخاء، وهذا آخر عام للفساد والمفسدين، وسوف ننتج مليارات من الغاز والنفط، وسوف نضع المزيد من أحجار الأساس، ونفتح العديد من المشاريع. أما القوى المؤثرة في المجتمع فيتم شراؤها بالمال الحرام، بل ويشترون المثقفين وأهل القوة وأصحاب الأقلام كذلك!
رابعاً: سياسة كمّ الأفواه:
واتباع هذه السياسة من شأنه أن يولد في نفوس الناس الخوف والجبن والقبول بالأمر الواقع رغم قناعتهم بوجوب تغييره، ويصبح لسان حالهم يقول ما يردده المصريون: (الحيطان لها ودان)، (عايزين ناكل عيش)، (مش عايز أروح اللومان)، وإمعاناً من الحكام في إثارة الرعب في قلوب الناس أوجدوا هالة من الرعب حول معتقلاتهم بمجرد ذكر أسمائها، وهذا التخويف مقصود لردع كل من تسوّل له نفسه مخالفة الحاكم لذلك روّج الحكام وزبانيتهم لأسماء معتقلاتهم حتى تحفظها الناس وتكون مصدر ترهيب لهم، مثل سجني أبي زعبل وطرة في مصر، وسجن الرمل في لبنان قبل أن يهدم، وسجن الحصان الأسود في ليبيا قبل نقل مكانه وتوسيعه، و"صبل الليل" في صنعاء، وسجن المزة في سوريا، وسجن الجفر في الأردن... تلك السجون وغيرها الممتدة على طول العالم الإسلامي وعرضه والتي يقبع في زنازينها الآلاف من المظلومين الذين يمارس ضدهم كل أنواع التعذيب النفسي والجسدي
خامساً: سياسة تنفيس الرأي العام:
حيث يسمح الحاكم  لفئة محسوبة على النظام بانتقاده ضمن خطوط حمراء لا يتجاوزها الممثل الذي ينتقد النظام دون رأسه، وقد يقوم بهذا الدور وزير أو إعلامي كبير أو حزب معارضة  حتى يوهم الناس بأن التقصير أو الظلم الذي وقع على الناس هو من جراء تفريط المسؤولين الصغار، ولا يتحمل هو تقصير هؤلاء ، فيغنيه كل عرض مسرحي عن مظاهرة في الشارع، ويمضي الحاكم في تبجحه وادعائه بأنه يريد للعبة الديمقراطية أن تأخذ مجراها فيكون هو الخصم والحكم في الوقت نفسه!!
سادساً: سياسة كبش الفداء:
حيث يقوم رأس السلطة بتغيير الحكومة وحلها أو إقالة وزير من أجل أن يفدي نفسه ويمتص غضبة الناس على الفساد وسوء إدارة البلاد، وتكون هذه الإجراءات خدعة جديدة للرأي العام تضاف إلى رصيد الحاكم من الألاعيب السياسية الأخرى.
سابعاً: سياسة الضربة الوقائية:
تقوم بعض الأنظمة بحملة إعلامية وقائية بغية استباق تطورات سياسية داخلية، أو حين تشتَمُّ رائحة تمرد أو تململ لدى الناس؛ فتقوم بخطوات معينة قد تشمل تعطيل بعض الصحف واعتقال بعض الصحفيين والمفكرين الذين لا ينتمون للنظام ولا يدينون له بالولاء، ويرافق ذلك حملة تشهير إعلامية واتهامات تصل إلى حد التآمر على النظام، وتهديد أمن الدولة، وتهمة الارتباط بدولة أجنبية لا يذكر اسمها إمعاناً في التضليل، وهذه الإجراءات الوقائية تتسم بالمفاجأة والقسوة والسرعة الخاطفة حتى تؤتي ثمارها كضربة وقائية، وأحياناً تتم هذه الإجراءات بسرية تامة وتعتيم كامل حتى لا تحدث صدًى لدى الرأي العام، وحتى لا تحسب مؤشراً على ضعف النظام وعلى وجود معارضين يطالبون بتغييره جذرياً.
ثامناً: سياسة ركوب الموجة:
وهذه السياسة من أكثر السياسات رواجاً عند صيادي الفرص الذين يستغلون ظروفاً معينة أو أحداثاً خاصةً، فينخرطون بها ويتبنونها فيختلط الأمر على المراقب حتى يكاد لا يميز بين الأصيل والدخيل؛ مما يسبب ضياعاً في الرأي العام، وتبديداً للجهود المخلصة، وتفشيلاً لها، وتيئيساً لمن أخذ الأمر على محمل الجد ولم يتلوث بالحيل التي نصبت له شراكها. وكثيراً ما نرى أن موجة السخط على الحاكم والملك والرئيس تخمد فجأة دون أن تبصر الإصبع الذي أطفأها، ولاشك أن ركوب الموجة وتبني مطالب الناس، ولو إعلامياً بالكلام المنمق، يساعد على الحد من جذوة الحماس، وقد يؤدي إلى عكس ما طالب به جمهور الناس. فمثلا مع اشتعال الربيع العربي وسقوط حكام بادر ملك المغرب بركوب الموجة فأوعز إلى الاسلاميين بتشكيل حكومة ديمقراطية هي حكومة بنكيران ذات الطابع الاخواني وبهذا أمتص نقمة الشعب في المغرب مع أن الفقر ينهش لحوم الناس هناك وهم يتطلعون بشوق إلى قلع هذا النظام الفاجر المفسد. ويكون النظام قد مال مع الريح تحاشياً للسقوط والاجتثاث (إذا مالت الريح مال حيث تميل) وهو بذلك التمويه والخداع يكون قد لبس جلد الثعلب أو التمساح؛ لأنه لاقبل له بمواجهة التيار الهادر الذي ينوي اقتلاعه من الجذور.
تاسعاً: سياسة الانحناء للموجة:
على العكس من السياسة السابقة حينما يتعرض بعض الساسة أو الزعماء إلى عاصفة هوجاء من الانتقادات والمعارضة لسياسته، فانه يلجأ إلى تجاهل النقد والمعارضة، ويمتنع عن الإدلاء بأي تصريح أو رأي أو حتى الظهور عبر أجهزة الإعلام، ريثما تهدأ العاصفة، وتنجلي المواقف، ويعود الرأي العام إلى سابق عهده، وينسى الجمهور ما حدث مراهنين بذلك على ظاهرة النسيان التي يتصف بها بنو البشر ويبنون عليها الكثير من خططهم ومشاريعهم الإعلامية؛ لذلك يلاحظ تكرار خطط وأكاذيب عفا عليها الزمن واستعملت أكثر من مرة، ولكن الاتكال على ظاهرة النسيان لدى الشعوب يجعل الحكام في مأمن من انكشاف أكاذيبهم وخدعهم.
عاشراً: سياسة قصة قميص عثمان:
قصة المطالبة بدم سيدنا عثمان (رضي الله عنه) معروفة والتي ذهبت مثلاً، ثم أصبحت مثلاً يحتذى لدى السياسيين وأجهزة إعلامهم بل أبواقهم المسموعة والمرئية والمقروءة، فحينما يريد البعض سَوْق الناس بالجملة تجاه أهدافه ومخططات الأسياد الكبار؛ فإنه يلجأ إلى حيلة الثعالب، وذلك بالتقرب إلى الناس حين يتظاهر بتمجيد رمز من رموزهم يحترمونه أو حتى يقدسونه، فعلى سبيل المثال يتمسح الكثيرون بالقضية الفلسطينية، وكلما رغبوا في تبييض صفحاتهم السوداء لدى أتباعهم لجأوا إلى التغني بدعم القضية والنضال من أجلها، ويصورون للناس أنهم طيلة الحياة وحتى الممات يسعون بدأب وجهود متواصلة بلا كلل ولا ملل لإرجاع جزء من فلسطين لأهلها أو إرجاع جزء من أهلها إليها للعيش مع يهود، هذا ما يعلن، أما ما يبقى سراً فهو اللقاءات الودية المتكررة مع زعماء يهود
حادي عشر: سياسة الجزرة والعصا:
وهي سياسة الترغيب و الترهيب، ففي البداية يعرضون على الأفراد أو الجماعات الجزرة، فإن قبلوها وقبلوا العبودية لهم تختفي العصا، وإلا تختفي الجزرة وسياسة اللين وتبرز سياسة العسكر والشرطة والسجن والمخابرات والاختطافات والاغتيالات والقتل، وكل هذه المراودات تسبقها وتتخللها حملات إعلامية مكثفة لتسهيل التنفيذ، وأحيانا يقوم الإعلام مقام الوسائل المادية إذا أتقن حَبْكَ الموضوع المراد إقناع الرأي العام به؛ للقضاء على جماعة معينة أو خصوم سياسيين أو قبليين!!
وكما سبق ذكره من أن الاعلام سلطة رابعة بيد الحاكم يستعبد بها الشعوب ويبيض به صفحته فإنه ومن هذا المنطلق لا بد من تسليط الضوء على بعض ما تدعيه وسائل الاعلام من نزاهة وحيادية وبيان بطلان هذه الافكار وأنها تمارس التضليل الاعلامي الممنهج لطمس الحقيقة وخداع الناس فمن هذه الافكار:-
فكرة النزاهة والحيادية في الاعلام
أما ما تدّعيه وسائل الإعلام من حرية "الرأي" والنزاهة والحيادية وعدم الانحياز، هي دعوى باطلة للأسباب التالية:
أولاً: إن كبريات مؤسسات الإعلام هي مؤسسات مدعومة من قبل الدول التي توجهها أو تمتلكها أو تمولها وذلك كمؤسسة البي بي سي البريطانية التي تمولها الحكومة البريطانية من جمع الضرائب على كل تلفزيون يباع، وأن شبكة الجزيرة، والعربية والحرة وغيرها مملوكة لدول صاحبة توجهات سياسية، فمن البديهي أن من يملك المال يملك القرار.
ثانياً: عدم النزاهة وعدم الحيادية تثبت من خلال تتبع السلوك الإعلامي لتلك المؤسسات ويتمثل ذلك بالآتي :
أ . انتقاؤها للأخبار من حيث الخطاب والمخاطب؛ وهذا يتم ضمن سياسة منهجية مرسومة ولا يكون ذلك كيفما اتفق، فالمؤسسة الإعلامية المعينة تنتقي أخبارها وفق توجهاتها السياسية لا الإعلامية، ومثله أيضا تسليط الأضواء على اعتقال نظام لشخص مغمور لكنه عميل وتابع، وتجاهلها لاعتقال المئات لا بل آلاف الأشخاص في نفس البلد كونهم ينتمون لتيار إسلامي غير مرغوب به سلطوياً وإعلامياً.
ومثله كذلك تسليط الأضواء على مبادرات وأطروحات تكرس تبعية سوريا لأمريكا والغرب مثلا، وتجاوزها لميثاق الخلافة الذي وقعته عشرات الكتائب، وتجاهلها لهذا المشروع النهضوي المخلّص لسوريا والمسلمين من هيمنة الغرب، وعدم الإتيان على ذكره أو مناقشته ولو لدحضه أو معارضته.
ومثله ما أورده رئيس المكتب الاعلامي لحزب التحرير في لبنان أحمد القصص قبل فترة قصيرة من أن كاتب لبناني ترجم مقالا لمجلة أمريكية مشهورة والتي نشرت في نسختها الورقية المطبوعة ولم تنشره في النسخة الالكترونية على موقعها على الانترنت  مقالا لهنري كيسينجر يقول فيه لماذا لم تقم أمريكا بدعم الثوار في سوريا وأبقت على دعم بشار؟ فيقول إن استراتيجية أمريكا في المنطقة هي المحافظة على استمرار تدفق النفط للغرب وأمن إسرائيل وأضاف هناك متغير خطير جدا هو وجود ثورة في سورية تريد الاستقلال والتخلص من التبعية وهذا مما لا يمكن أن تؤيده أمريكا.
ب. الشخصيات المستضافة في اللقاءات الصحفية والمقابلات التلفزيونية؛ إذ تعمد وسائل الإعلام إلى استضافة شخصيات تم إبرازها من خلال وسائل الإعلام هذه لإعطائها دوراً في الساحة السياسية، ويكون انتقاء هذه الشخصيات انتقاءً مدروساً موجها وليس عشوائيا بدليل توافق هذه الوسائل على شخصيات معينة ذات توجهات سياسية معينة وربما لا يكون لها أية صفة رسمية، كما حدث في تغطية تلك الوسائل لثورات مصر واليمن وسوريا وغيرها.
ج . تهميشها للحركات النهضوية الصحيحة الداعية لمشروع الأمة، الخلافة، وذلك تمشياً مع سياسة الحكام في حرب فكرة الإسلام والخلافة، ومثال ذلك تجاهلها لنشاطات حزب التحرير في العالم بأسره، في خضم الثورات وغيرها، وهي فعاليات ضخمة ملأت أصداؤها سمع الدنيا وبصرها، ومع ذلك تصر وسائل الإعلام باعتبارها طرفاً رئيساً وهاماً في حرب مشروع الخلافة على تجاهل هذه النشاطات والفعاليات خوف إبرازها وإظهارها للأمة لئلا يسرّع نشرها من تكون الرأي العام المناصر لفكرة الخلافة. وإذا ما اضطرت أن تتحدث عن الخلافة أو حزب التحرير لجأت الى الحديث مع شخص مناهض للحزب معادٍ لفكره وتوجهه لأجل التشويه والتضليل، بالرغم من أن المتحدثين الإعلامين والناطقين الرسميين والمكاتب الإعلامية للحزب منتشرة في جميع دول العالم، وهذا يدل على مدى الانحياز الذي تمارسه وسائل الإعلام ضد فكرة الخلافة والساعين لها.

فكرة استخدام استطلاعات الرأي في وسائل الاعلام
تجري وسائل الاعلام خصوصا الالكترونية منها أستطلاعات رأي يكون الهدف منها جس نبض الشارع كما في العديد من استطلاعات الرأي العربية والعالمية حول وجود غالبية ترى تطبيق الشريعة في دولة الخلافة.  فمثلا قامت مؤسسة "جالوب" الأمريكية، بالكشف في استطلاعها عام 2007 أن أكثر من 90% من "الشعب" المصري يؤيد تحكيم الشريعة الإسلامية، وأن حوالي ثلثي المصريين يطالبون بجعل الشريعة المصدر الوحيد للتشريع. وأن مركز الابحاث "بيو"  أشار في الاستطلاع الدولي الذي أُجراه حول الدين والحياة العامة، ونشر في أبريل/ نيسان 2013م، حيث أظهر أنّ 29٪ فقط ممن استُطلعت آراؤهم في باكستان يرون أنّ الديمقراطية قادرة على حل مشاكل بلدهم، بينما 84% منهم يدعمون اعتماد أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها القانون الرسمي للبلاد.
كما توظف استطلاعات الرأي للتأثير على الرأي العام وتوجيه سلوكه بما يخدم السلطة المتنفذة ،  ذكر في صحيفة "وورلد تريبيون" الأميركية "أن حلف شمال الأطلسي يدرس بيانات معلوماتية تشير إلى حصول انقلاب حاد في موقف السوريين لصالح نظام الأسد. وإن البيانات تشير إلى أن أغلبية الناس في سورية أصيبوا بالهلع جراء استيلاء تنظيم القاعدة على ما يُسمى المعارضة المسلحة، وأصبحوا يفضلون بقاء الأسد فقد سئموا الجهاديين وأصبحت كراهيتهم للجهاديين أشد من كراهيتهم الأسد".
من الواضح للعيان أنه من خلال هذه الأكاذيب يعملون على تشويه صورة الإسلام والمسلمين المجاهدين في سوريا، مع العلم أن الجيش الحر نفسه قد أعلن أن كثيرا من قطاعاته وألويته ينسحبون من ولائه الوطني ليتوجهوا إلى الولاء الشرعي للإسلام والانضمام في صفوف المجاهدين.

ممارسة التضليل الاعلامي
إن الأصل في الإعلام إيجاد العلم عند من لا يعلم على وجه الحقيقة، وإلا كان تضليلا. وتأتي أهمية الإعلام، من كونه أهم الأدوات التي تستخدمها الدول في سبيل الترويج لسياسة معينة أو خط سير محدد لإقناع الرأي العام به وتمرير مشاريع سياسية.
والإعلام والسياسة توأمان لا يفترقان، فالسياسي في الحكم لا يستغني عن الإعلام للتأثير في الرأي العام على الوجه الذي يخدم أغراضه. والإعلام هو لسان الحاكم والسياسي وهو سلاح هام للجيوش، وللقادة العسكريين. وهو كذلك من الوسائل الهامة للأحزاب والكتل السياسية التي تكافح من أجل إيصال أفكارها للناس لقيادتهم. ومن الأمثلة على التضليل الاعلامي كيف أن أمريكا حشدت وجيشت الجيوش على العراق بحجة أسلحة الدمار الشامل ليتبين بعدها أمام الشعب الأمريكي والعالم من أن الحرب على العراق اعتمدت على "استخبارات خاطئة".
والغرب وأدواته من حكام المسلمين يوظفون الإعلام في محاربة الإسلام، والسيطرة على تفكير المسلمين ببرمجة عقولهم التي تخدم اهدافه، بعد أن يقدم لهم المعلومة التي يريدها، من أجل قلب الحقائق وجعل ما ليس بحقيقة بمنزلة الحقيقة.  فالحرب على الارهاب أخذت حيزا كبيرا في الاعلام  فعلى  سبيل المثال وما نقلته  حديثا الواشنطن بوست أن رئيس السي إن إن، ولتر جاكسون طلب من مراسليه أن يذكروا الجمهور الأمريكي وعلى الدوام بقتلى 11 أيلول.  وإننا نرى بهذا الطلب أبقاء حادثة  11 أيلول حاضرة في أذهان الامريكان وهذا من شأنه أن يسهل على أمريكا سياستها الخارجية وحروبا على الاسلام
إن التضليل والتحيز في العمل الإعلامي يكاد يكون هو الأصل الآن في العالم. يقول بريجنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون قبيل حرب الخليج الأولى "أنا آخذ فقط 20% من الأخبار السياسية المنشورة في الجرائد والتلفاز، أما الثمانون بالمائة الباقية، فإنها ببساطة كذب وتضليل".
والإعلام العربي هو إعلام منحاز وموجه، ويعمل على محاربة القيم الأصيلة للمسلمين، فهو يكرس مفاهيم تناقض الإسلام، ويروج لمفاهيم الإباحية والترفيه الساقط تحت دعاوى (الفن)، ويغالط في عرض الحقائق.  وهو بهذا يمثل إعلام ظل للأعلام الغربي. جاء في جريدة الشرق الأوسط في 14-12-2005 تقريرا أعدته نيويورك تايمز يتحدث عن استراتيجية إعلامية جديدة مزمعة للإدارة الأمريكية السابقة تقوم على أساس ضرورة نشر أباطيل صرفة، بقصد تضليل العرب والمسلمين. ومما جاء في التقرير "تتضمن خطط الدعاية المطروحة للنقاش زرع قصص إخبارية... واختلاق وثائق مزورة، إضافة إلى إنشاء مواقع باللغة  العربية على شبكة الإنترنت من أجل تقويض تأثير المساجد والمدارس الدينية، التي تقدم مواعظ معادية للثقافة الأمريكية".
قال تعالى " يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ " (8) سورة الصف
إن زمن الثورات الذى نحياه الأن قد أزال الخطوط الحمراء التى خطتها الأنظمة ، فالأمة بحاجة ماسة إلى  تفاعل صحيح وبَنَّاء بين من يحمل مشروعاً لنهضتها على أساس الإسلام وبين أبنائها المخلصين من رجال الإعلام حتى يصل هذا المشروع إلى الأمة كما هو من مصادره ، وبالتالى تفشل كل مخططات الغرب ومن معهم من العملاء الذين يسعوَّن دون مللٍ للحيلولة دون وصول هذا المشروع إلى الناس ، لأنه لو وصل فسوف تحتضنه الأمة وتضعه موضع التطبيق . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

المسجد الأقصى يستصرخ الأمة الإسلامية وجيوشها لإقامة الخلافة وتحرير الأرض المباركة.

المسجد الأقصى يستصرخ الأمة الإسلامية وجيوشها لإقامة الخلافة وتحرير الأرض المباركة.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين

المسجد الأقصى في فكر وشعور الأمة الإسلامية

لقد وصف الله سبحانه وتعالى المسجد الأقصى وما حوله وأرض الشام عموماً بالبركة وثبتت قدسية الأقصى بالنصوص الشرعية فأرض فلسطين هي أرض إسلامية خراجية حكمت بالإسلام إلى أن هدم الكافر المستعمر الخلافة عام 1924 على يد مجرم العصر اليهودي مصطفى أتاتورك وبدعم من الإنجليز.
وبركة أرض فلسطين وما حولها قد ثبتت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ)، ذكر ابن كثير في تفسيره قال: قال قتادة والحسن البصري: «هي أرض الشام». وقال تعالى: ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) و ذكر القرطبي في تفسيره أنها أرض الشام. فرسول الله صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وفق الآية القطعية السابقة، وفي حديث المعراج فإن معراجه عليه الصلاة والسلام إلى السماء كان من المسجد الأقصى.
والمسجد الأقصى هو مركز البركة في الشام. وأن البركة تعني الزيادة والنماء وقد ورد في التفاسير تكون البركة في الزروع والثمار ومجاري الأنهار وبما دفن حوله من الأنبياء والصالحين وانتهاء لحكم المتجبرين في الأرض. كما أن البركة تتعدى الأقصى إلى ما حوله من بلاد الشام التي تمتد من الساحل الشرقي من البحر المتوسط إلى الفرات ومن الشمال بلاد الروم وهي جنوب تركيا إلى شمال مصر وبلاد الجزيرة.  وبلاد الشام الان فهي فلسطين والأردن وسوريا ولبنان وجزء من العراق.
وثبتت قدسيتها في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث روى ابن ماجه في سننه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى).
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ، والصلاة في مسجدي بألف صلاة ، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة)  رواه الطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه .
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول قال صلى الله عليه وسلم : " المسجد الحرام " قال قلت ثم أي قال : " المسجد الأقصى " قلت كم كان بينهما قال : " أربعون سنة ثم أينما أدركتك الصلاة فصلي".
وقال صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى: يا شام أنت صفوتي من بلادي، وأنا سائق إليك صفوتي من عباد).
وبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الشام فقال: (طوبى للشام. قلنا: لأي ذلك يا رسول الله؟ قال: لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها) رواه أحمد والترمذي.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا ًمجندة، جنداً بالشام، وجنداً باليمن، وجنداً بالعراق. فقال ابن حوالة: خر لي يا رسول الله، إن أدركتُ ذلك، فقال: عليك بالشام، فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم، واسقوا من غدركم، فإن الله توكل لي بالشام وأهله) رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وقال عليه الصلاة والسلام: (بينا أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي، فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصري، فعمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام) رواه أحمد والطبراني.
وقال: (لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله، لا يضرهم خذلان من خذلهم، ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة) رواه أبو يعلى وقال الهيثمي رجاله ثقات.
وقال عليه الصلاة والسلام: (الأبدال بالشام، وهم أربعون رجلاً؛ كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً: يُسقى بهم الغيث، وينتصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب) رواه أحمد بإسناد حسن .
وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صَفْوَةُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَرْضِهِ الشَّامُ، وَفِيهَا صَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ، وَلَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي ثُلَّةٌ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عِقَابَ).
والمسجد الأقصى هو القبلة الأولى التي كان يصلي باتجاهها المسلمون لمدة 16 شهراً قبل أن تنزل آيات التحول باتجاه الكعبة المشرفة. قال تعالى: ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ )  البقرة/آية144
الحضور الكريم ،
لقد فتح بيت المقدس الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة 16 هـ وقد حرر صلاح الدين الأيوبي فلسطين بعد أن سقطت بيد الصليبيين المجرمين الذين قتلوا سبعين ألفا من المسلمين والعلماء في باحات المسجد الأقصى، وقام الخطيب محي الدين القُرَشِيُّ خطيب دمشق وألقى من على منبر المسجد الأقصى خطبة، قال في بدايتها: "فقطع دابر الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين".  وحافظت عليها الخلافة العثمانية فالخليفة العثماني عبدالحميد الثاني رغم ضعف الدولة وحاجتها للمال لم يقبل عرض اليهود بتمليك جزء من ساحل فلسطين لليهود مقابل ملايين الليرات الذهبية وكتب لهم أن فلسطين ليست ملك يميني فهي للمسلمين جميعاً، وإذا ضاعت فلسطين يوماً ما فستأخذونها بلا ثمن، وهكذا كان. وقد كانت فلسطين محطة فاصلة في تاريخ الأمة الأسلامية، فقضي على التتار في عين جالون وانتهى حكم الدولة الصليبية الشرقية بعد حطين، وأنكفأ نابليون في حملة على الشرق على أسوار عكا، وستشهد هذه الديار المقدسة انتهاء إفساد يهود في العالم وسيقتل الدجال، ويقضى على يأجوج ومأجوج.
الحضور الكريم
لقد كان الحجاج في عودتهم، يزورون مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة في مسجده، ... ثم بيت المقدس للصلاة في المسجد الأقصى، ليس لاستكمال أعمال الحج، بل لأن الحج لبيت المسجد الحرام يذكرهم بالمسجدين اللذين قرنا به في حديث شد الرحال حيث قال صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى)، فيحرصون على الصلاة فيهما، تعبيراً عما يجيش في صدورهم من تقديس لهذين المسجدين.
ولا يزال الحجاج يعرجون في طريق عودتهم على المدينة المنورة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيسلمون عليه ويصلون في مسجده، لكن التعريج على القدس والصلاة في المسجد الأقصى فلم يعودوا يفعلونه، لأن القدس، حاضنة المسجد الأقصى أسيرة بيد ألد أعداء الإسلام والمسلمين، فمنذ سقطت بقية فلسطين بيد يهود في العام 1967 والقدس وأقصاها يئنان من قيود الأسر، وتقاعس حكام المسلمين عن نصرتهما وتحريرهما وسائر أرض فلسطين السليبة، منذ ذلك اليوم الأسود والمسلمون محرومون من زيارة الأقصى، نعم إن الأقصى في قلوبهم لكن هل هو في عقولهم أيضاً، هل يفكرون في الطريقة التي يستطيعون بها زيارته والصلاة فيه واستشعار قدسيته وعظمته التي منحها له الإسلام ؟؟؟
وهنا نوجه سؤالا ماذا تفعل الجيوش العربية والإسلامية في ثكناتها؟ وما هو موقف علماء المسلمين الذين يتصدرون الفضائيات من حكامٍ رضوا بأن يبقى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يرزح ويئن تحت حراب يهود ومن قبله الاستعمار البريطاني لأكثر من تسعين عاما وهم الذين يملكون المال والسلاح الذي يقدر بالمليارات؟
يمنع المسلمون في العالم الإسلامي من الصلاة في المسجد الأقصى، حتّى أهله الذين على بعد أمتار منه يمنعون من دخوله لأداء الصلاة فيه. فحكّام المسلمين لم يكتفوا بالسكوت عن احتلال أرضه وأهل فلسطين يعانون ما يعانون؛ بل زادوا على ذلك أن فتحوا بلادهم للترحاب بيهود في معظم العالم الإسلامي، يفتحون السفارات والقنصليّات والهيئات والمقرّات التجارية وأن من ينتخب من حكام المسلمين لا بد أن يقدم الولاء لأمريكا باعترافه بدولة يهود ويخطب ودهم.
الحضور الكريم،
أن فلسطين وجوهرتها المسجد الأقصى ما كانت لتضيع لولا غياب دولة الخلافة التي هدمها الكفار وأعوانهم من الحكام المانعين والممانعين، وأن الانخراط في العمل لإعادة الخلافة التي بها تحرر فلسطين كاملة وفي مقدمتها الأقصى المبارك، وبها يعز المسلمون في كل الأرض، ورعاية الأقصى لا تكون بفرش السجاد أو بطلاء الجدران ولا بصناعة المنابر وترميمها، بل بالعمل المجد المخلص مع حزب التحرير وفق الطريقة الشرعية التي بينتها السنة المطهرة  وتبناها حزب التحرير، وهذه الطريقة موثقة في أدبيات الحزب تم استنباطها وفق اجتهاد صحيح من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم. كما أنه يغلب على ظننا أنها الطريقة الوحيدة لقيام الدولة الإسلامية لأنها وفق أسس الأجتهاد الشرعي. وذلك لتكرار واقع المسلمين اليوم بواقعهم في مكة المكرمة.
أيها الأخوة: إن قضية فلسطين وقضية الشيشان والبوسنة والهرسك وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى وبورما وأفطاني في تايلاند والروهينجا في بورما وغيرها من القضايا تشكلت بسبب غياب الحامي والراعي لقضايا المسلمين وهي الخلافة الإسلامية، والقاعدة الفقهية أن ملا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فلا حل  لقضايا المسلمين وتخليصهم من الذل  إلا بالعمل على أيجاد كيان المسلمين الذي يوحدهم ويرعى شؤونهم وفق أحكام الشرع وهي الخلافة الإسلامية أو الدولة الإسلامية.
الحضور الكريم،
إن القيام بالعمل مع العاملين لإيجاد هذا الكيان السياسي للمسلمين هو من أفضل الأعمال وهو فرصة تاريخية لمن أراد أن يحصل على أجر العاملين لإقامة الدين فهو عمل السابقين الاولين. فالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم هم من أقاموا الدين بكيان دولة الإسلام المتمثل في المدينة المنورة بعد تحويلها من دار كفر إلى دار إسلام، وأنه وبعد سقوط دولة الخلافة الإسلامية فقد تحولت بلاد المسلمين مرة أخرى إلى دار كفر، فلم تحصل هذه الحالة إلا في زمننا، وهذا موسم وفرصة لمن أراد الأجر من عند الله، فقد روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم. وفي رواية: قيل يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم).

هل الواقع السياسي اليوم يساعد على عودة الخلافة من جديد

قضى الكافر المستعمر على حكم الاسلام المتمثل بالخلافة العثمانية في العام 1924 وأقام الكافر على أنقاض دولة الخلافة دولا وكيانات باتفاقية تسمى اتفاقية سايكس وبيكو بين انجلترا وفرنسا لتقاسم إرث دولة الخلافة الإسلامية. واتخذت هذه الكيانات السياسية والتي يزيد عددها عن 55 دولة حدوداً وعلماً ونشيداً وطنياً. كما نصب عليها حكام عملاء له يحافظون على مصالح الاستعمار ونهب ثروة المسلمين ويمنعون أية حركة للأمة من أجل إعادة لحمتها من جديد في دولة الخلافة الراشدة الثانية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة في الحديث الصحيح الذي أخرجه الحاكم في مستدركه :(أَعَاذَكَ اللَّهُ يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ قَالَ: وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ؟ قَالَ: أُمَرَاءُ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي لَا يَهْتَدُونَ بِهَدْيِي وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ وَلَا يَرِدُونَ عَلَيَّ حَوْضِي، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ وَسَيَرِدُونَ عَلَيَّ حَوْضِي).
والمسلمون في ظل دول ما يسمى بالعالم العربي والإسلامي أصبحوا أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام، قال عليه الصلاة والسلام:(يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها "، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: " بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن"، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: " حب الدنيا، وكراهية الموت ").
الحضور الكريم، 
إن التخلف السياسي هو سيد الموقف للأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، بل قل التبعية للكافر المستعمر فهم يتقاتلون ويتصالحون وفقا لما يريده أسيادهم في الغرب، فلم يستطيعوا حل قضية واحدة من قضايا المسلمين الهامة. فهم يعتبرون قضية فلسطين نزاعا بين العرب والإسرائيليين يحل في أروقة الأمم المتحدة، وتاريخ خذلانهم لقضية المسلمين في فلسطين حدث ولا حرج فالنكبة عام 1948 ثم تليها حرب 1967 أظهر فيها الحكام أنهم ليسوا ندا ليهود وليقنعوا المسلمين بقوة هذا الكيان وتكتمل فصول المسرحية باتفاقية السلام بين مصر مع يهود في العام 1977 ثم أوسلو في العام 1993. أما دخول بيروت من قبل يهود ومذابح صبرا وشاتيلا كان استمرارا لنهج الخذلان الذي ينتهجه القادة السياسيون من حكام دول الضرار في العالم الاسلامي، ولمس الناس تخلي حكام المسلمين عن قضية فلسطين بعد النكبات  والانتفاضات  والحروب التي أودت بحياة الآلاف من المسلمين في فلسطين وما جاورها، فلم نرى أو نسمع سوى اجتماعات ينتج عنها بيان شجب واستنكار ثم ترفع القضية إلى أروقة الأمم المتحدة التي لم تنصف المسلمين قط. ولا ننسى التخلف السياسي لهؤلاء الحكام حين خذلوا المسلمين في سوريا واعتبروا ما يحدث من قتل وقصف طال البشر والشجر والحجر في سوريا هو أزمة داخلية يمكن حلها من خلال المبعوثين الدوليين من الدابي إلى بان كي مون وأخيرا الأخضر الابراهيمي والذي قيل أنه استقال لاستعصاء ثورة الشام على السرقة والحرف، ونسأل الله أن يتم للمسلمين الفرحة بقيام الخلافة من الشام التي قال عنها رسول الله الشام عقر دار المسلمين.
وفي مقابل ضعف الحكام السياسي نجد أن الدول العربية والإسلامية تتصدر قائمة الدول العالمية في إبرام صفقات التسلح وتنفق المليارات في شراء أسلحة من الغرب وتقوية جيوشهم والتي لم تنصر قضاياهم قط، فمثلا طاغية الشام وعلى مدار أكثر من أربعين عاما وهو يسلح جيشه بحجة الممانعة والتوازن الاستراتيجي مع العدو الصهويني فلم يقم بقصف أي من الأهداف الإسرائيلية مع أنهم كانوا من حين إلى آخر يقصفون بعض الأهداف العسكرية للنظام السوري وفي المقابل يقصف حمص بمئات القذائف والبراميل المتفجرة خلال ساعة فقط بل وتستمر الحرب لأكثر من ثلاثة أعوام.
ويعتبر خبراء الغرب أن صفقات شراء الأسلحة دون دراسة واعية يجعل منها أنها الصفقات الأغبى في التاريخ، فالسلاح يتحول إلى خردة بعد فترة من شرائه، وربما يزيد العبء المادي من أجل التخلص منه بعد أن يتحول إلى خردة. وهذا يبرر أنهم فقط يشغلون مصانع الغرب ويوفرون آلآف الوظائف لأبنائهم ويقيلون عثرات اقتصادهم المتعثر.
الحضور الكريم،
هؤلاء الحكام منعوا تحرير فلسطين وأضروا بمشروع الأمة المتمثل بالخلافة الإسلامية وذلك بمحاربتهم لأية حركة في الأمة من أجل الحكم بما أنزل الله، وقد وصفوا العاملين للأسلام بأوصاف مثل الرديكالية والتطرف والإرهاب وقاموا بقتلهم بل وبالتعاون مع الدول الغرب وشنوا حروباً على أمتهم في العراق وأفغنستان واليمن وغيرها من بلاد المسلمين وسنوا قوانين تجيز لهم منع أي تحرك للمخلصين في الأمة. هؤلاء الحكام ليسوا من جنس الأمة بل من جنس عدوها، وإزالتهم من أفضل الأعمال عند الله.
إننا رغم الواقع المرير الذي يعيشه المسلمون، فإننا سائرون في الطريق التي رسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قيام الدولة الإسلامية بطلب النصرة من أصحاب القوة والمنعة وهم قادة الجيوش والتشكيلات العسكرية، فوعد الله لعباده المخلصين حتماً متحقق ما دمنا متمسكين بحبل الله المتين يقول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) فهي طريق الخلاص لأهل فلسطين وطوق النجاة للأمة الإسلامية من شرقها إلى غربها، وأن ما أصاب المسلمين من ذل واستعمار لابد زائل، فالله سبحانه وتعالى يمحص عباده المؤمنين يقول تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾

فرض الخلافة

والخلافة هي الكيان السياسي الذي كان يحكم المسلمين في العالم، يقول الإمام القرطبي في تفسيره «الجامع لأحكام القرآن» عند تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) (.. هذه الآية أصلٌ في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع، لتجتمع به الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليفة. ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة إلا ما روي عن الأصم حيث كان عن الشريعة أصم.
وإقامة خليفة فرض على المسلمين كافة في جميع أقطار العالم. بل هو تاج الفروض كما قال العلماء فهي الوعاء الذي يحفظ أحكام الإسلام والحارس عليها وعلى وحدة الأمة، يقول مؤرخ الحضارة الإسلامية ابن خلدون العرب من أصعب الأمم انقيادا بعضهم لبعض للغلظة والانفة وبعد الهمة والمنافسة في الرياسة، ولم يجتمع أمرهم إلا على ثنتين النبوة والخلافة) اما النبوة فقد انتهت بموت النبي عليه السلام، فلم يبق إلا الخلافة لا يجتمع أمرهم إلا عليها)
والخليفة هو الذي يطبق أحكام الشريعة ويجعلها قوانين نافذة، وهو الذي يحفظ الدين ويذود عن حمى المسلمين، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ). والإمام جنّة: أي كالستر لأنه يدفع العدو من أذى المسلمين ويمنع الناس بعضهم من بعض ويحمي بيضة المسلمين
أما الأدلة على وجوب إقامة الخليفة على المسلمين كافة:
أولا: ما ورد في كتاب الله
قال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء، وخطاب الله للرسول هو خطاب لأمته ما لم يرد دليل التخصيص
وقال: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) المائدة،
كما أنه الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، ويقول: ﴿... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، ويقول: ﴿... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
ثانيا: ما ورد السنة في المطهرة وأجماع الصحابة بأقوال وأفعال تبين أن الخلافة هي طريقة إقامة هذا الحكم،
روى مسلم عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم). وعن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية).
وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما) رواه مسلم،
وقال صلى الله عليه وسلم: (من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) رواه مسلم، والبيعة تكون للأمام على تطبيق شرع الله.
كما انعقد إجماع الصحابة على مبايعة خليفة واحد للمسلمين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وكان خلافهم في سقيفة بني ساعدة في المدينة المنورة على من يخلف رسول الله حيث تم دفنه صلى الله عليه وسلم بعد ثلاثة أيام من وفاته مع أن دفن الميت فرض على المسلمين وذلك بعد تنصيب أبو بكر خليفة للمسلمين من قبل أهل الحل العقد.
 كما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر). فالأمر بطاعة الإمام أمر بإقامته، والأمر بقتال من ينازعه قرينة على الجزم في دوام إيجاده خليفة واحداً.
أما مبشرات قيام دولة الخلافة مرة أخرى:-
·        يقول الحق سبحانه وتعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). وهذه الآية القرآنية تبشر المسلمين بالإستخلاف في الأرض والانتصار على عدوها.
·        عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء).
 فالمقصود بالغرباء: هم أهل الاستقامة، والذين يصلحون عند فساد الناس، إذا تغيرت الأحوال والتبست الأمور وقلَّ أهل الخير ثبتوا هم على الحق واستقاموا على دين الله، ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الصفوة، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ)،" ما تدعون: أي ما تطلبون.
·        الحديث الذي رواه الأمام أحمد: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة).
·        وروى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِىَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِى مِنْهَا)
·        وروى أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ)
·        وروى أحمد قال عبد الله بن عمرو: بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكتب إذ سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أو رومية ؟ . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مدينة هرقل تفتح أولا "، يعني القسطنطينية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته